همسات السمر ...!!!
همسات السمر
بينما كانت رُوحي تعايشُ طلائعَ السَّحَرْ ، تعانقُ بأجنحتها أوراقَ الشَّجَرْ ، تطرُب لما تسمعه من هَمَسَات السَّمَرْ ، تُلامِسُ تلك الأحلام النَّاعمة ، و توقِظُ كُلَّ الأماني النائمة ، إذ أتتني تلك الفتاة الملائكيِّةِ و قد غزتني ببحور عَيْنَيها ، و جذبني رحيقُها ، و بهرَني جمالُها ، و سَحَرَني سِحْرُها ، و بلـَّلت رُوحي قَطَراتُ جُفُونِها .
قد وَثَبَتْ إلى قلبي من نافذَةِ الشُّوْقِ ، و اخترقت جُدْرَان الصَّمْتِ بسرعَةِ البرْقِ ، و دُكَّت حُصُونَ قلبي أمام رَوْعَةِ جَمَالِها ، و رِقَّةِ خَصْرِها ، و سِحْرِ عُيونها ، و جاذبيِّةِ ثَغْرِها ، فذي أهدابُها بين يدي قلبي عنوانٌ للصَّفاء ، و رمزٌ للنَّقاء ، و حدٌّ للشَّقاء ، و أراني أقف طائعــًا بين يديها ، راكعــًا بين قدميها ، و ذا قلبي بدا جاثيــًا على رُكبتيه ، مُكْبِراً ما شاهده بناظرَيْهِ ، يستضيء بأنوار الحُبِّ ليضيء الفجاج الدَّامِسَة ، و يبعثُ الأَمَلَ في رُوح تلك الزُّهور اليائسة .
ما أجملُها ..... ما أحلاها ..... إنَّها النَّسمةُ التَّي كُنْتُ أبحث عنها منذ زمن ، يمضي بها شراعي عابراُ أبحرَ المِحَنْ ، يقاوم بها بواعث اليأس و عواصِفَ الفِتَن .
إنَّها لفي صمتها حلاوةٌ ، و في أحرفِ كلامها طلاوةٌ ، و في عٌيونها سِمُوٌّ ، و في ابتسامةِ ثغرها عُلُوٌّ ، تقف رُوحي بقدميها على أهداب الجمال تنشد ألحانــُا ، على أعتاب الحُسْن تعزف أنغامــًا ، تستنطق الجمادات ، و تذيب الجليد بروعة الأناشيد و تلك الكَلِمات .
أقضي معها قبل إطلالة السَّحر ، أحلى و أشهى أوقات السَّمر ، ففي رِقَّتِها ما يزيد تِهْيامي ، و أنطِقُ به في وَحْيِي و إلهامي ، كأنَّها البدرُ هَبَطَ من كَبِد السَّماء ، و أَفْلَتَ من قبضة العلياء ، و سقط بين يديَّ بذاك الجمال الفتَّانِ السَّاحرِ ، البديع الماهرِ .
أدنيا أعيشها أم عالمــًا من الجِنَان ، و فيضــًا من التَّحنان ، نقلني من الخَوْفِ إلى برِّ الأَمان ، فقد أبحرت في بِحَار عُيُونِها ، و ارتويت من مائها و قَطْرِها ، و ملأني رحيقُها ، و عطَّرني عِطْرُها ، فما أعَجَبَ أن يَمْضِي القلبُ سارحــًا في بَحْرِ خَيالها ، ينشدُ عشقـــًا حين لقائها ، و يذهب نفسه حسراتٍ عند فِراقها ، و يُسْمِعُ نَحْبَــًا عند غِيابها ، أقضي معها فعلاً أحلى أوقات أُسمِّيها أنا " همسات السمر "
بقلم :محمد اسامه
تعليقات
إرسال تعليق